Page 88 - web
P. 88

‫دراسات بدائل معالجة مشكلة ازدحام السجون في الدول‬

‫العربية في ضوء بعض التجارب الدولية‬                                                                          ‫أمنيـــة‬

                                                                                                  ‫محمد عبد الهادي شنتير‬
                                                      ‫ورقة تحليل السياسات ‪ -‬مركز الدراسات الإستراتيجية والسياسية‬

                                                                                            ‫جامعة أسيوط‪ ،‬جمهوية مصر العربية‬

‫وتتطـــرق إلـــى تنـــاول اتجاهـــات السياســـات‬      ‫الجنـــاة والمجرميـــن؛ إذ إن تفعيـــل العقوبات‬       ‫دعا المؤتمر الســـنوي الســـابع عشـــر لرؤساء‬
‫العقابية‪ ،‬وأبرز التجارب الدولية والتشـــريعات‬         ‫البديلة للســـجن يســـمح علاوة على إســـهامه‬          ‫المؤسســـات العقابيـــة والإصلاحيـــة فـــي‬
‫المقارنـــة‪ ،‬التـــي اهتمـــت بمعالجة مشـــكلة‬        ‫فـــي تقليـــص اكتظـــاظ الســـجون‪ ،‬بتجنـــب‬          ‫الـــدول العربيـــة‪ ،‬الـــذي عقـــد فـــي تونس في‬
‫ازدحـــام الســـجون‪ ،‬وتوصيـــف واقـــع هـــذه‬         ‫القطيعـــة بين الســـجين وأســـرته‪ ،‬وبتســـهيل‬        ‫عام ‪2014‬م‪ ،‬الذي شـــارك فيـــه ممثلون عن‬
‫المشـــكلة المتزايـــدة‪ ،‬والخيـــارات المطروحة‬                                                              ‫مجلـــس وزراء الداخلية العـــرب (التابع لجامعة‬
‫خاصة على المســـتوى التشـــريعي في الدول‬                 ‫إعـــادة الاندمـــاج فـــي الحيـــاة الاجتماعية‪.‬‬   ‫الـــدول العربيـــة) وجامعـــة نايـــف العربيـــة‬
‫العربية‪ ،‬وتحديـــد التوجهات التي تنطلق منها‬           ‫وتســـعى ورقة السياســـات هذه إلـــى تقديم‬            ‫للعلـــوم الأمنيـــة‪ ،‬إلـــى تفعيـــل العقوبـــات‬
‫ورقـــة السياســـات‪ ،‬ومن ثم تحديـــد الخيارات‬         ‫بدائـــل وخيـــارات للمشـــرعين والقائمين على‬         ‫البديلـــة للســـجن للحـــد مـــن ازدحـــام النـــزلاء‬
‫والبدائـــل وتقييمهـــا‪ ،‬وصـــولًا لمجموعـــة‬         ‫إدارة المؤسســـات العقابيـــة والإصلاحيـــة‬           ‫داخـــل هذه المؤسســـات؛ حيـــث إن ازدحام أو‬
‫التوصيـــات التـــي تتبناهـــا ورقة السياســـات‪.‬‬      ‫وللمشـــرفين القضائييـــن علـــى التنفيـــذ‬           ‫اكتظـــاظ الســـجون وتكدســـها‪ ،‬يعد مشـــكلة‬
‫وتعانـــي ســـجون بعـــض الـــدول العربيـــة من‬       ‫العقابـــي فـــي الـــدول العربيـــة‪ ،‬بمـــا يســـد‬
‫الازدحـــام والاكتظاظ‪ ،‬حيث يتجـــاوز عدد نزلاء‬        ‫الفجـــوة بيـــن السياســـات والممارســـات‬                   ‫تعـــوق عمليـــات الإصـــاح والتأهيل‬
‫الســـجون فـــي هذه الـــدول طاقة اســـتيعابها‬        ‫العقابيـــة الراهنـــة‪ ،‬مـــن أجـــل الحيلولـــة دون‬  ‫ولهـــذا انطلقت الدعوة إلـــى إصلاح الأنظمة‬
                                                      ‫ازدحـــام الســـجون‪ ،‬وســـبل تنفيـــذ العقوبات‬        ‫العقابيـــة‪ ،‬والجـــزاءات الجنائيـــة والجنحيـــة‪،‬‬
                                   ‫ا لحقيقية ‪.‬‬        ‫فـــي البيئتيـــن المغلقة والمفتوحـــة‪ ،‬ويحقق‬         ‫وإحـــال سياســـات جديـــدة‪ ،‬وقـــد تبنـــت‬
‫وهنـــاك مثـــال واضـــح علـــى ارتفـــاع تكاليف‬      ‫الهـــدف المنشـــود من توقيـــع وإنـــزال الجزاء‬      ‫التشـــريعات المقارنـــة عدة خيـــارات لمواجهة‬
‫إدارة المؤسســـات العقابيـــة والإصلاحيـــة‪،‬‬          ‫وعقـــاب المجرميـــن‪ ،‬وكذلك تحقيـــق منفعة‬            ‫الآثار الســـلبية لعقوبة السجن (خاصة قصيرة‬
‫والإنفاق الحكومي على الحراســـة‪ ،‬والمرافق‬                                                                   ‫المـــدة)‪ ،‬مـــن أبرزهـــا‪ :‬العقوبات التـــي تقوم‬
‫والخدمـــات‪ ،‬والغـــذاء‪ ،‬والعـــاج‪ ،‬والتعليـــم‪،‬‬                  ‫مســـتقبلية للدولـــة والمجتمـــع‪.‬‬        ‫علـــى تنفيـــذ التدابير غيـــر الاحتجازية (وســـائل‬
‫يتمثل في اهتمام إدارة شـــؤون الســـجناء في‬           ‫وتعتمد الورقة الحالية على اســـتخدام نموذج‬            ‫تنفـــذ فيهـــا العقوبـــة خـــارج المؤسســـات‬
‫المملكة العربية الســـعودية بكل ما له علاقة‬           ‫النظم‪ ،‬الذي يفتـــرض أن تتـــم عمليـــة وضـــع‬        ‫العقابيـــة المغلقة)‪ ،‬على أن تتبع هذه البدائل‬
‫بالسجناء منذ اســـتقبالهم‪ ،‬حتى خروجهم من‬              ‫السياســــــات بناء علــــــى معالجة مســــــائل أو‬   ‫المعاييـــر الدوليـــة المتفـــق عليهـــا فـــي هذا‬
‫الســـجن‪ ،‬وفيمـــا بين ذلـــك يجـــري تقييمهم‬         ‫ضغوطــــــات معينـــة‪ ،‬ونموذج شـــجرة تحليل‬           ‫الصدد‪ ،‬وبالشـــكل الـــذي يجعلها قـــادرة على‬
‫الصحـــي والاجتماعي‪ ،‬ورعايتهـــم‪ ،‬والعنايـــة‬         ‫المشـــكلات مـــن خـــال دراســـة الأســـباب‬          ‫أن تـــؤدي الدور الإصلاحي فـــي مواجهة أنواع‬
‫بهـــم‪ ،‬وتصنيفهم بحســـب الجـــرم المرتكب‪،‬‬            ‫والآثار‪ ،‬وتحويلها إلى شـــجرة أهداف تتضمن‬             ‫معينـــة مـــن الجرائـــم‪ ،‬وتســـهم فـــي تحقيق‬
‫وتوفيـــر التأهيـــل والتدريـــب اللازميـــن لهـــم‪،‬‬  ‫تدخـــات متنوعـــة وطـــرق تحقيقهـــا‪ ،‬وتدفع‬          ‫الأمـــن علـــى مســـتوى الدولـــة‪ ،‬واســـتقرار‬
‫والاهتمـــام بهم بغـــض النظر عـــن أعدادهم‬           ‫ورقـــة السياســــــات فـــي اتجـــاه حلـــول جيدة‬    ‫المجتمع وحفظ مقوماته الأساســـية‪ ،‬وتلبية‬
                                                      ‫للمشـــكلة‪ ،‬بالاســـتناد إلى الأدلة والبراهين‪،‬‬        ‫متطلبـــات البعد الاجتماعـــي‪ ،‬وتحقيق هدف‬
                       ‫وفئاتهم وجنســـياتهم‬           ‫التـــي يمكـــن تقــــــديمها لصنـــاع ومتخـــذي‬      ‫بناء الإنسان في رؤى وإســـتراتيجيات التنمية‬
‫تبنـــت العديـــد مـــن التجـــارب المقارنـــة‪،‬‬       ‫القرار‪ ،‬لمعرفــــــتهم بالتفضيلات المجتمعية‪،‬‬          ‫المســـتدامة الوطنيـــة‪ ،‬وتهذيـــب ســـلوك‬
‫خاصـــة فـــي الـــدول ذات الأنظمـــة الفقهيـــة‬      ‫وتساعدهم على اختيــــــار البديل الــــــذي يوفر‬
‫الجرمانيـــة‪ ،‬والـــدول ذات الأنظمـــة الفقهيـــة‬     ‫أقصى منفعة عامــــــة للمواطنين والمجتمع‪.‬‬

                                                                                                            ‫‪88‬‬
   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93